| 0 comments ]

الملخص:
تأتي هذه الورقة لتعنى بجانب هام من جوانب التجديد في القطاع المصرفي ألا و هو الصيرفة الإلكترونية، ونظرا للتطورات التي لا سابقة لها في مجال تقنيات الإدارة و تكنولوجيات الإعلام و الاتصال وصيغ التمويل، أضحت أسواق الخدمات المالية أكثر تعقيدا ومن ثم محفوفة بمخاطر، وهذا ما يشغل بال المراقبين في الصناعة المصرفية بما تخلفه من تداعيات على استقرار و صلابة النظام المالي المحلي وبالنتيجة الدولي. و قد اهتمت لجنة بازل الدولية بهذا الموضوع الشائك فأصدرت مجموعة من المعايير تدعو للاسترشاد بها في وضع أطر الإدارة الاحترازية السليمة لمخاطر هذا اللون من العمل المصرفي، على غرار البنوك الممارسة لأنشطة مصرفية تقليدية. وخلصت الدراسة إلى النتائج الهامة التالية: (1) معظم البنوك الالكترونية تنشئ لتحقيق رسالة مزدوجة إمداد الأعوان الاقتصاديين بالخدمات المالية، بالرغم من أن قصص نجاح هذه الصناعة هي بازدياد، فهي عادةً ما تعمل بدون أنظمة صحيحة للتقليل من تعرضها للمخاطر. (2) أصبحت الجهات الرقابية مطالبة أكثر من أي وقت مضى بأن تولي عناية أكبر بتقويض العوامل المؤثرة سلبا على درجة أمان القطاع المصرفي، استقراره و سلامته، الأمر يستلزم التقييم الدقيق لإدراك مكامن الضعف وتحديد المصاعب (المخاطر) التي تشكل أكبر تهديد على سلامتها المالية ومن ثم معالجة ذلك، لاسيما بالتركيز على أنظمة الوقاية و العلاج لدى البنوك ضد المخاطر التي تكتنفها والتعرف على قدراتها الداخلية في استيعاب الخسائر المتوقعة و غير المتوقعة من هذه المخاطر.
Abstract
This paper is to present an important aspect of renewal banking sector, which is the electronic banking. Because of the unprecedented developments in: management techniques, information, communication technologies, and finance means. Financial services markets become more complex and therefore have high risk. This is what observers concerned in the banking profession by the impacts of the repercussions on the stability and solidity of the domestic banking system, and international result. The Basel Committee has concerned about this complexes topic by setting  criteria's that help to guide by setting the frames on the banks under its supervision in order to precautionary management the risks of this type of banking work. This study concluded the following significant results: (1) most of the e-banking establish double objective: give financial services, although the success stories this activities is growing, it usually operate without correct regulations to reduce the risk. (2) The supervisors become more claim than any Time passed, ever that pay more attention to undermine the negative influential factors on the degree of the safety and stability of the banking sector. This requires accurate assessment to vulnerabilities and identifying the difficulties (the risks), especially focusing on the prevention and treatment systems for the banks against the risks that beset and identification the internal capability to absorb anticipated and unexpected losses.
المـقدمـة:
تعتبر الصيرفة الإلكترونية جانبا هاما من جوانب التجديد في القطاع المصرفي، في خضم عديد التحديات التي يفرضها الاندماج في الاقتصاد العالمي على هذا القطاع الاقتصادي الهام، خصوصا و أن من أبرز ملامح المرحلة الراهنة المنافسة الشديدة المستفيدة من آخر ثمار تكنولوجيا الإعلام و الإتصال، قد طرأت على الساحة المصرفية تغيرات متلاحقة و بإيقاع متسارع على نحو بات معه الشكل التقليدي للبنوك محل تهديد، و قد أصبحت الأعمال التي تقوم بها البنوك على درجة كبيرة من التعقيد و بصورة غير مسبقة تستلزم الاهتمام أكثر بقضية إدارة المخاطر، حيث أن القطاع المالي -ضمنيا المصرفي- من أكثر القطاعات الاقتصادية تعرضا للمخاطر، لاسيما المخاطر المستقبلية منها، و من هنا ازداد الوعي بأهمية سلامة النظام المصرفي واستقراره بعد أن أكدت البحوث الاقتصادية أنهما يعتبران شرطا أساسيا لتحقيق التخصيص الأفضل للموارد المالية في الاقتصاد، وذلك بترقية ممارسات إدارة المخاطر لدى البنوك.
منذ ربع القرن المنصرم، برزت أعمال لجنة بازل الدولية اتجاه مجتمع الأعمال المصرفية بمقترحات يمكن أن يقال عنها معايير دولية، إن لم تكن ملزمة قانونيا أو تنظيميا إلا من ناحية القيمة الأدبية المعنوية التي تحظى بها هذه الهيئة، بحيث تستهدف هذه اللجنة بأعمالها: ترقية ممارسات البنوك إزاء المخاطر، حماية حقوق المودعين وتحقيق الاستقرار في المنظومة المصرفية وتطهيرها من المنافسة غير الشريفة الناتجة عن فوارق في الإشراف على البنوك بين الدول. فكانت من أبرز جهود اللجنة لخدمة الصناعة المصرفية اتفاقية بازلI عام 1988 واتفاقية بازلII عام 2004، على غرار توصيات أصدرتها اللجنة منذ نشأتها لتوضيح أطر أو للتعبير عن رأيها في مسائل جاثمة في تلك الفترة، أيضا انشغالها بالمخاطر التي تكتنف من يزاول أنشطة البنوك الإلكترونية بما أضحت تخلفه من آثار وخيمة على استقرار النظام المالي و صلابته، فأصدرت جملة من المعايير للرقابة المصرفية إلى سلطات الرقابة في أصقاع العالم من أجل الاسترشاد بها في وضع قواعد احترازية بصددها.
        على ضوء ما سبق، يتبلور لدينا التساؤل المحوري التالي: هل يؤدي إقرار المعايير الدولية الصادرة عن لجنة بازل بصدد العمليات المصرفية الإلكترونية إلى الارتقاء بأساليب إدارة مخاطر البنوك الالكترونية؟
1. تعريف العمليات المصرفية الالكترونية:
في ضوء الاعتماد التقليدي على الموارد البشرية في تقديم الخدمات، و الارتفاع المتزايد لتكلفة اليد العاملة والصعوبة النسبية في الإشراف على موفري الخدمات و سعيا لرفع مستويات الجودة، اتجهت أنظمة خدماتية كثيرة بما فيها البنوك إلى الإحلال الجزئي للآلة بدل العنصر البشري، أي الأتمتة (Automatisation).
يستخدم اصطلاح البنوك الإلكترونية (E-Banking) كتعبير متطور وشامل للمفاهيم التي تبلورت مع بداية التسعينات، مثل: مفهوم الخدمات المصرفية عن بعد، البنوك الالكترونية عن بعد، البنك المنزلي (Home Banking)، البنك على الخط ( Online Banking) أو الخدمات المصرفية الذاتية (Self–Service Banking). وجميعها تتعلق بقيام الزبون بإدارة حساباته و انجاز أعماله المتصلة بالبنك عن طريق المنزل أو المكتب أو أي مكان آخر وفي الوقت الذي يريده[1].
لذا، يقصد بالعمليات المصرفية الالكترونية ما يقدمه البنك من خدمات مصرفية تقليدية أو متطورة من خلال قنوات اتصال الكترونية، يخول الدخول فيها بعد استيفاء شروط العضوية المحددة من طرف البنك، وهي بذلك تحقق للبنك فوائد عديدة، لاسيما تخفيض تكاليف الاستغلال و رفع الكفاءة العملياتية ومستويات الجودة[2]. إليك أهم صور أتمتة العمليات المصرفية في المرحلة الراهنة[3]:
·   النقود الالكترونية (Cash electronique): يصدر البنك وسائل الدفع هذه في شكل وسائط تحتوي على شرائح ممغنطة و تدعى ببطاقات القيمة المخزنة، يقابلها مقدار من الوحدات النقدية، بحيث يزود الزبون بها للتعامل مع جهاز الصرف الآلي من أجل السحب النقدي أو لطلب كشف الحساب ودفتر الشيكات وكذا تحويل أموال أو دفع فواتير مستحقة، و يفترض الاستفادة من هذه الخدمة على مدار 24 ساعة يوميا؛
·   البنك المنزلي (Home Banking): يتم تحميل الحاسوب الشخصي ببرنامج خاص، يوفره البنك مجانا أو لقاء رسوم للزبائن، لأغراض الإطلاع على الحساب و التصرف (السحب/الإيداع) في أرصدة الحسابات المصرفية، عن طريق خط خاص يبدأ طرفه من المكتب أو المنزل أو أي مكان آخر و في أي وقت،  وينتهي طرفه الثاني عند الحاسوب المركزي للبنك، وتطور هذا الأسلوب مع شيوع الانترنت إذ أمكن للزبون الدخول وإجراء المعاملات من خلال الاتصال بشبكة الانترنت، لكن في ظل ضوابط تتحكم في حركة مثل هذه الأنشطة ولتضمن حقوق الزبون و البنك على حد سواء؛
·   الخدمات المصرفية التليفونية (Telebanking): و هي أنظمة تخدم الزبائن عبر جهاز التليفون، لاسيما النقال، على مدى 24 ساعة يوميا، ووفق سياق منظم يحدد الزبون من البرنامج الصوتي الذي يشتغل بمجرد الاتصال بأرقام خاصة وضعها البنك في متناول عملائه نوع الخدمة المصرفية التي يريدها، ويستعيض البنك عن تعليمات الزبون الذي لم يتلقى منه تأكيد تفويض السحب/التحويل.
2. المخاطر التي تتعرض لها البنوك الإلكترونية:
1.2. تعريف المخاطرة:
قضية المخاطر هي جزء جوهري في انشغالات أي مؤسسة، كيف لا و هي تمثل جميع الأحداث التي قد تؤدي إلى منع هذا التنظيم جزئيا أو كليا من تحقيق أهدافه أو تعظيم أدائه، ذلك بتقويض المزايا المستدامة لكل نشاط ترافقه من خلال: استنفار حالة عدم التأكد، تقليص احتمالات النجاح، تخفيض الفرص وزيادة التهديدات الناجمة عن تلك الأنشطة في ثلاثة أبعاد الربحية والاستمرار والنمو. أو تفضي إلى رفع احتمالات الضرر في الموارد المادية أو القيم المعنوية نتيجة عوامل غير متوقعة في الآجال الطويلة أو القصيرة لإتمام العمل المصرفي المستهدف، بحيث يكون أثر هذه المخاطر قابلا للتقدير من طرف العون الاقتصادي بصفة موضوعية من خلال احتمالات رقمية محددة، بينما في حالة عدم التأكد يفترض أن العون لا يستطيع أن يحسب أية قيم محتملة في تقييمه للموقف. و من ناحية السياسة الأمنية للمؤسسة يمكن القول أن المخاطر هي محاولات استغلال تهديدات، لاسيما التهديدات الخاصة بـ: الموقف المالي، كفاءة الجهاز التشغيلي، و الوضعية التنافسية[4].
أ.   التهـديد (Menace): هو محاولة تثبيط السير الحسن لنشاط المؤسسة أو التعرض لبقائها و فرص نجاحها، مثل: ظهور منافسين جدد أو نقص في الكفاءات والخبرات. هناك ثلاث مركبات أساسية للتهديد، و هي:
1.    الهدف: و هو المحل الذي يريده المهاجم، مثل: الخصوصيات بكشف المعلومات السرية للغير، السلامة بإلحاق الضرر بكفاءة و/أو فعالية الأنظمة، بزعزعة المواقف و الوضعيات، إخفاء هجوم على مركز آخر بتغيير سجل الأحداث؛
2.    الطريقة: التي تقود إلى الهدف، و قد تكون مباشرة (أي لديه منفذ دخول على النظام) أو غير مباشرة (أي عن طريق وسيط)، و يتم تحديد الطريقة المناسبة لإحداث التهديد بعد رصد معلومات كافية عن الهدف وبعد تحديد الدوافع؛
3.    الحدث: الواقعة التي تترتب عنها خسائر، مثل: الغش، الاحتيال، الاختلاس، السرقة، إتلاف الوسائل، تقصير في واجب مهني، تزييف بطاقات، قرصنة، التصنت على الرسائل.
ب. الوهــن (Vulnerability): نقاط و مواطن الضعف في المنظمة، والتي من خلالها يستطيع المهاجم تدمير/تخريب/عرقلة المحل الذي هاجم من أجله. بالنسبة للعمل المصرفي يمكن تصنيفها إلى خمسة أقسام أساسية[5]:
1.          وهن متعلق بالاقتصاد الكلي: تـمس الاقتصاد الذي ينشط فيه البنك أو مجتمع المدينين أو الأسواق، وهي تعكس درجة التعرض الاقتصاد إلى الصدمات و حالات الاختلال، مثل هذه العوامل: ارتفاع أسعار المواد الأولية، معدل البطالة، معدل النمو، التضخم؛
2.          وهن منبثق عن النقد الائتماني: تسبب تضخم الكتلة النقدية، نتيجة الارتفاع السريع و حتى المفرط في منح القروض، بحيث يكون الأعوان الاقتصاديون مثقلين بالديون؛
3.          مصيدة تقدير المخاطر: التي يقع فيها المشاركون في سوق يؤدي بهم إلى تقديرها بقيمة أقل من القيمة الحقيقة، مثلا مخاطر الإقراض بالنظر إلى هامش الائتمان (Spread) لهذا القرض؛
4.          التركيز: و هو الانحصار المحتمل للمخاطر في عدد محدود من المؤسسات أو حول قطاعات ذات صلة بالبنك مثل قطاع التأمينات؛
5.          تنامي الترابط: ارتفاع أشكال التبادل/ التكامل/ التداخل/ التشابك بين مختلف وحدات القطاع المالي وحتى بين القطاعات الاقتصادية فضلا عن اقتصاديات العالم.
2.2. أنواع المخاطر التي تتعرض لها البنوك من جراء العمليات المصرفية الالكترونية:
مع تطور الصناعة المصرفية، أصبح العمل المصرفي محفوفا بالمخاطر، بتنوع الأنشطة و زيادة الإعتماد على تكنولوجيا الخدمات المالية والتحرر من القيود و عوامل أخرى كثيرة، أصبحت الأعمال التي تقوم بها البنوك تتسم بالتعقيد و بدرجة لم يسبقها مثيل، وإنما هذا انعكاس لما يفرزه الاقتصاد الراهن من زيادة لمعدلات التغيير في الحياة الإقتصادية و ارتفاع لمعدلات الترابط بين وحدات القطاع الواحد فضلا عن التداخل بين القـطاعات الإقتصادية، فإذا بالبنوك تواجه مصيراً تكتنفه التحديات المفاجئة أحيانا و التي تنشأ كلما تجددت إحتياجات الأعوان الاقتصاديين و تغيرت عاداتهم و كلما تعاظم التشابك بين مختلف القطاعات على الصعيدين المحلي والدولي، ويعرف عن القطاع المصرفي أنه أكثر من غيره اندماجا و احتكاكا وهذا يجعله كذلك أكثر عرضة من غيره إلى المخاطر[6]. تجدر الإشارة إلى أن البنوك الالكترونية تتميز بترتيب للمخاطر مختلف عن البنوك التقليدية من حيث الأهمية، بحيث تستأثر المخاطر التشغيلية بحصة الأسد في مقدار المخاطرة الإجمالية للمؤسسة، و هذا راجع للأسباب التالية[7]:
·   تزايد الاعتماد على التكنولوجيات في تقديم الخدمات المصرفية، و بالتالي تنامي الأتمتة، أي إحلال الآلة مكان الموارد البشرية في الأنظمة الخدماتية، كاستخدام شبكات اتصال إلكترونية لتأدية خدمات مصرفية تقليدية أو مبتكرة لفئة من الزبائن يعد أحد المنافذ للتعرض إلى خسائر تشغيلية؛
·       فشل برامج تغذية و صيانة الأنظمة، لاسيما للرقابة الداخلية أو عدم كفاية النفقات و الموارد إزاء ذلك؛
·   ضعف السياسة الأمنية المصاحبة للعمل المصرفي الإلكتروني، بحيث تنشأ المخاطر من جراء أخطاء المرخص لهم (مثل: تجاوزات من الموظفين في البنك أو إساءة الاستخدام من قبل الزبائن لعدم الإحاطة بإجراءات العملية) و/أو تنشأ من اختراق غير المرخص لهم؛
·   الاستخدام المتزايد لتقنيات تخفيف المخاطر وفق السياسات الوقائية-الأمنية، مثل: التشفير، التحقق من المستخدم، جدار ناري، التوقيع الالكتروني، تدريب الموظفين، الضمانات، الاستعانة باتفاقيات التعهد من الباطن و أنظمة المقاصة  و التسوية و الإخراجية (Externalisation) قد يخفف مخاطر معينة لكنه يوسع تعرض البنك إلى مخاطر هامة أخرى.
و فيما يلي عرض موجز للمخاطر التي تتعرض لها البنوك من الأعمال المصرفية الالكترونية[8]:
‌أ  . المخاطر التشغيلية: الخسائر الناتجة عن عدم التكيف أو عن ضعف في الإجراءات، و الخسائر التي تعزى إلى تقصير العمال أو إلى وهن الأنظمة الداخلية، أو تلك الناجمة عن الأحداث الخارجية. وفي مضمون التوجيه الأوروبي حول كفاية الأموال الخاصة للبنك يشمل تعريف المخاطر التشغيلية أيضا المخاطر القانونية مع استثناء مخاطر الإستراتيجية والشهرة (السمعة)، أما لجنة بازل فتستبعد في تعريفها لهذا الصنف مخاطر الإستراتيجية فقط.
‌ب . مخاطر السمعة: احتمالية انخفاض إيرادات البنك أو قاعدة زبائنه (حصة السوق) نتيجة رواج إشاعات سلبية عن البنك و أنشطته، أو نتيجة وقائع تؤيد فشل البنك في إدارة أحد أو كل أعماله بكفاءة.
‌ج . المخاطر القانونية: تنشأ هذه المخاطر في حالة عدم الالتزام بالقوانين أو القواعد التنظيمية أو التعليمات المقررة من قبل السلطات الإشرافية، و التي يمكن أن تؤذي حاليا أو مستقبلا أرباح البنك وسمعته بشكل عام، مثل فرض غرامات مالية نتيجة غموض بنود اتفاقيات مبرمة.
‌د  . مخاطر أخرى: على غرار البنوك التقليدية، تتعرض البنوك الالكترونية كذلك إلى مخاطر الائتمان و مخاطر السيولة ومخاطر السوق بممارسة عمليات مصرفية الكترونية، مع اختلاف حدتها بحسب طبيعة العملية، مثل: مخاطر الاسترداد في إطار مخاطر الإقراض، تذبذبات سعر الصرف في صفقات الكترونية دولية في إطار مخاطر السوق، ومخاطر عدم توافق استحقاقات الأصول و الخصوم المحسوبة للأعمال المصرفية الالكترونية في إطار مخاطر السيولة، و المخاطر المترتبة عن اتخاذ قرارات خاطئة أو التنفيذ غير الصحيح للسياسات المرسومة و عدم التكيف مع التغيرات المستجدة على الساحة المصرفية في إطار مخاطر الإستراتيجية.
3. معايير لجنة بازل بصدد الإدارة الحصيفة لمخاطر العمليات المصرفية الإلكترونية:
1.3. الرقابة المصرفية بالتركيز على المخاطر:
اهتمت لجنة بازل بدور سلطات الرقابة في تنمية وتشجيع الممارسات الهـادفة إلى إدارة المخاطر في البنوك، ومعالجة القصور في أدوات التعامل مع المخاطر، في قمتها كفاية الأموال الخاصة و الإلتزام بمتطلبات الإفصاح، فضلا عن وسائل الرقابة الداخلية كـ: الضوابط الداخلية، تعزيز السياسات المتعلقة بالمخصصات...الخ. فتركز اللجنة على الإشراف الرقابي-الاحترازي كمحور ثان (على غرار كفاية الأموال الخاصة و انضباطية السوق) نحو التطبيق السليم لاتفاقية بازلII، وتحث السلطات الرقابية المعنية بتنفيذ معايير بازلII على تنظيمها المصرفي لاستخراج الانحرافات و من ثم معالجة النقائص في مجال إدارة المخاطر[9].
وعندما نتكلم عن الرقابة على البنوك فإننا نتكلم عن الرقابة المصرفية، وهي رقابة تمارس من طرف جهات من خارج البنك تابعة للبنك المركزي أو السلطة النقدية للدولة، بحيث تقوم هذه السلطات الرقابية بمهمة متابعة امتثال البنوك للأوامر والتعليمات الصادرة عن البنك المركزي و الهيئات التابعة له و من ثم معالجة التجاوزات المسجلة بحكم القانون أو بحكم التنظيم، وكذا فتح أبواب الحوار مع البنوك للبحث في القضايا التي تعرقل السير الحسن للمؤسسة المصرفية أو تحد من فعالية لجنة الرقابة أو لمعالجة أي قصور في التنظيم الإحترازي بفعل المحيط المصرفي، ثم اتخاذ إجراءات مناسبة سريعة لتصحيح الوضع[10]. مثلا تعتمد سلطة الرقابة إستراتيجية بعد تقييم الاحتياجات المالية لمواجهة المخاطر، مفادها العناية بالبنوك التي تتميز بشكل (Profil) محدد من المخاطرة الإجمالية أو لاحتلالها موقعا حساسا أو لمزاولتها نشاطا هاما في الاقتصاد الوطني، فمن بين التعليمات التي تطلقها اتجاه بنك أو تنظيم مصرفي في إطار الرقابة المصرفية[11]:
أ . إعداد السياسات وتنفيذ الإجراءات: تصدر السلطات الرقابية ترتيبات تحكم السياسات التي تنتهجها إدارة البنك لتغطية مخاطر أنشطته، و تتحقق فيما بعد من إمتثال البنك لهذه المتطلبات، من أهم الممارسات التي تتطلبها السياسة الأمنية إعداد برنامج شامل أو تطوير البرنامج الحالي، بحيث يأخذ بعين الاعتبار العمليات المصرفية الالكترونية الجديدة، و يحدد بالتفصيل المسؤوليات و المهام لجميع الأطراف، بالإضافة إلى التدابير التي سيقوم بها البنك في حال خرق الخطوط الأمنية و هذا يتطلب ضمن ترتيبات المعالجة تقدير تكلفة الاختراق وموافاة مجلس الإدارة دوريا بدرجات المخاطر المترتبة عن هذا النشاط.
ب. كثافة المعلومات وقنوات تدفقها: تقوم سلطات الرقابة بتقييم أنظمة المعلومات و أنظمة التقارير أو التوثيق لدى المؤسسة المصرفية، بغرض تحديد مواطن الضعف التي تؤدي إلى تشويه أداء المهام الملقاة على عاتق الإدارات العليا والتنفيذية و انحراف القرارات.
ج. النزاعات بين الأطراف ذات العلاقة: ضمن متطلبات الحوكمة أي الإدارة الرشيدة للبنوك، يتعين على سلطات الرقابة دعم البنك في ضبط العلاقات مع الأطراف ذات الصلة به، بتوضيح لكل جهة ما عليها من واجبات لتنال ما لها من حقوق، أو تجنيب المؤسسة تضارب المصالح وتوجيه القرارات خصوصا الإستراتيجية نحو مآرب شخصية، بين: مجلس الإدارة، كبار المساهمين، المقترضين، الجهاز التنفيذي، علاوة على المدققين الداخليين والخارجيين.
د . دور مجلس الإدارة ومسؤولياته اتجاه سلطة الرقابة: تقع مسؤولية إدارة البنك بشكل أساسي على مجلس الإدارة، فتتمثل مهمته في رسم السياسات و إقرار النظم و التأكد من سلامة تنفيذها و المحافظة على حقوق المودعين و أملاك البنك، بالتالي هو المسؤول الأول أمام السلطات الرقابية عن أداءات البنك ونتائجه، لاسيما متانة المركز المالي وشفافية المعلومات المصرح بها إلى السلطات الرقابية، بما في ذلك إشعارهم بمرشحين لعضوية مجلس الإدارة أو الإدارة التنفيذية و التعيين. لذا، يتعين عليه المصادقة على إستراتيجية البنك في تقديم خدمات مصرفية الكترونية إلى جانب الموافقة على سياسات الإدارات التنفيذية في إدارة المخاطر و تقييم نظام الرقابة الداخلية عن طريق لجان مختصة تابعة له.
ه . دور الجهاز التنفيذي ومسؤولياته اتجاه سلطة الرقابة: تعمل السلطات الرقابية على إملاء الشروط الواجب توفرها في الموارد البشرية التي تتولى مسؤوليات الإدارة التنفيذية في البنك، من بين ذلك: الكفاءة العملية، الأهلية العلمية، السمعة الجيدة وخبرة مناسبة، الأمانة، خلوه من سوابق عدلية...الخ، من ناحية أخرى كفرض جملة من المتطلبات على البنوك تحكم أفعال الإدارة التنفيذية نحو تصريف شؤون البنك وفق السياسات المرسومة من قبل مجلس إدارته في ظل الإلتزام بجميع القوانين: نحو نوع العلاقة بين هذه الإدارة و المفتشين الذين ترسلهم السلطات الرقابية، نحو التقارير الإحترازية و الإحصائية المطلوبة من قبل مجلس الإدارة أو السلطات الرقابية...وهكذا.
و . توجيه أعمال المدققين الداخلين والخارجين: يتعين على السلطات الرقابية تشجيع البنوك من خلال معايير تصدرها حول المدقق الداخلي و أعمال المدقق الخارجي، من شأنها تنظيم تعيين المدققين ومسؤولياتهم (المهنية، المدنية والجزائية) و علاقاتهم بالسلطات الرقابية، بشكل يكفل الحياد والموضوعية في تبعية دائرة التدقيق إلى مجلس الإدارة، ويضمن إضافة إلى ذلكم استقلالية المدقق في أداء مهنته عن إدارة البنك وحتى عن ضغوط المساهمين. وبالرغم من أن القوانين تفترض تعيين مدقق خارجي فأكثر على المؤسسات، إلا أنه في قطاع البنوك يتعين الحصول على موافقة السلطة الرقابية المختصة إلى جانب قرار الجمعية العمومية، ويحق للسلطات الرقابية الحصول منه على أي بيانات أو إيضاحات لازمة مع الحق في أن تكلفه بمهام تراها ضرورية على البنك المعني لأغراض رقابية، في حين يخول له الرجوع إلى السلطات الرقابية ضمن متطلبات العمل.
في جميع الأحوال، تدعو لجنة بازل أن توفر قوانين البلاد إلى سلطات الرقابة هامشا ملائما من الاستقلالية وكذا إمكانيات كافية سواء مالية أو بشرية أو تقنية من أجل أداء مهامها على أكمل وجه، والهدف من إسناد الرقابة المصرفية إلى هيئات محددة تابعة للبنك المركزي أو السلطة النقدية في أغلب الدول هو سد مخاطر الوقوع في التضارب بين الرقابة على البنوك و السياسة النقدية التي قد تؤدي إلى آثار وخيمة على الحياة الإقتصادية للوطن، وتوفير هذا الجهاز الرقابي يوفر على البنك المركزي جهدا كبيرا في الإشراف على أعمال البنوك، بحيث يصبح دوره الإطلاع على تقييمات اللجان الرقابية لصياغة التوجيهات الملائمة إلى التنظيم المصرفي.
2.3. سياق الإدارة السليمة لمخاطر العمليات المصرفية الالكترونية:
جميع الترتيبات الإدارية و الممارسات التي تهدف إلى حماية أصول البنك و أرباحه من خلال تدنية احتمالات الخسائر وآثارها إلى أقل مستوى ممكن، و ليس الغرض من إدارة المخاطر هو تجنبها لأن ذلك أمر مستحيل، ولكن القصد هو التعرف على وجودها وتحديد هويتها وقياسها ومن ثم وضع الأنظمة الكفيلة بضبطها(الاحتواء و/أو الاستئصال و/أو الحد من شدتها) أو مضادة لها، بمعنى آخر التي تشمل أساليب وتقنيات وقائية وأخرى علاجية، المقبول لدى لجنة بازل[12] وحتى المختصين بشأن المخاطر، بحيث  أن الإدارة السليمة لا تنقصها الجزئيات التالية[13]:

أ . التحقق و تحديد هوية المخاطر و مصادر الضرر: تحمل هذه القاعدة بمقتضى السعي إلى الكمال في تحقيق الأهداف، لذا التحديد هو اكتشاف التفاوت بين ما هو منجز و ما هو متوقع، نتيجة عوامل تنقله من الربح إلى الخسارة، منها عوامل داخلية، مثل: هيكل البنك، طبيعة الأنشطة، نوعية الموارد البشرية و تعديل التنظيم و الأنظمة، و عوامل خارجية مثل: احتدام المنافسة و الصدمات التي تمس القطاع المصرفي، التقدم التكنولوجي. و كذا لاحتلالها موقع الأساس لتحضير معايير إحترازية ضد المخاطرة و نظام (مخطط) ملائم يسهر على متابعة تحركات المخاطرة و التحكم فيها؛
ب. قياس المخاطرة: لأجل رصد دقيق و جيد لمسار المخاطرة، و من ثم حشد الموارد الضرورية لإدارتها، يمكن الاستعانة بأدوات التقييم التالية:
·  التقييم الذاتي و التقييم: يقوم على إعداد قائمة بالعناصر القابلة للتعرض إلى المخاطر (مثلا: القيادة، العمال، الزبائن، الإستراتيجية و العمليات، الموارد الأخرى، نتائج الشركة) وقياس مدى التغيرات الحاملة للخسائر بواسطة مصفوفة محتواة في جدول القيادة، يُمكن من تحويل القياسات الكيفية إلى تقييمات كمية للمخاطرة المترتبة من نشاط يأخذ أو لا بعين الإعتبار أدوات التلطيف، بحيث المدركات في هذا الجدول تعين البنك على تخصيص رأس المال الإقتصادي للحماية من هذا الصنف من المخاطر.
·  الخرائطية (Cartography): تحديد أصل الضعف ومكامن التضرر و وصف الحالة حسب الوحدات المتنوعة للبنك أو بدلالة وظائفه التنظيمية أو وفق سلاسل العمليات، تمكن الإدارة على أساس الإحداثيات من مباشرة الأفعال الملائمة بعد ترتيب الأولويات، هذه العملية تعتمد بشكل جوهري على نتائج القياس ودلالة مؤشرات المخاطرة.
·  مؤشرات المخاطرة (Indicateurs of risk): هي إحصائيات و/أو مقاييس متنوعة، غالبا ما تكون ذات طبيعة مالية، والتي يمكن أن تعطي فكرة دقيقة حول تعرض البنك إلى المخاطرة. هذه المؤشرات يعاد النظر فيها دوريا (كل شهر أو كل فصل) لإنذار البنك بتغيرات حاملة لخسائر، من بينها مثلا: عدد العمليات غير المنجزة، معدل دوران اليد العاملة، تكرار و/أو جسامة الأخطاء والسهو.
·  تقدير حجم المخاطرة (Quantification): تتبع بعض المؤسسات المصرفية هذه المقاربة لتقدير تعرضها إلى المخاطرة من خلال استخدام أدوات، مثل: السلاسل الزمنية حول الخسائر يمكن أن تزود بمعلومات نافعة لأجل تقييم التعرض و إعداد السياسة الكفيلة بقبول/التحكم/ التخفيف من هذه المخاطرة، وسيلة نافعة لاستغلال هذه المعلومات تتمثل في وضع إطار يسمح بمتابعة و تقييم خصائص حالات الخسارة (التكرار، الجسامة و جميع المعلومات وثيقة الصلة بالموضوع)، كذلك بعض المؤسسات تزاوج بين بياناتها الداخلية حول الخسائر مع البيانات الخارجية لاستنباط العوامل المسببة للمخاطرة و تقييمها بعد تحليل مختلف السيناريوهات.
ج. المـتابعة: من أجل إدارة ديناميكية، يتعين تأسيس نظام متابعة منظم على دورات مكيفة مع تكـرار وطبيعة التغيرات في المحيط العملياتي. يكشف و يجري تصحيح فوري للنقائص الموجودة في سياسات إجراءات و عمليات البنك. إضافة إلى تهيئة مؤشرات متقدمة للتنبه إلى المخاطر و البحث عن الأساليب الفنية لاكتشاف/لتقدير المصادر المحتملة التي تدفع إلى تطور الخسائر أو وجودها.
د . السيطرة/التخفيف من المخاطرة: من المعلوم أن الانشغال الذي فحواه الحيلة المناسبة لدرء المخاطر هو محور الإدارة السليمة، و أيضا أنه كلما استثمر البنك في أنشطة جديدة أو طور أنشطة تقليدية كلما ارتفعت احتمالات تعرضه للمخاطر، بل أن البعض منها قد تلازمه خسارة ذات تكرار قليل لكنها جسيمة النتائج، فانطلاقا من متابعة الميل و ترصد تحركات المخاطر يتبنى البنك في إدارة مخاطره الإستراتيجية المناسبة التي تتخذ عادة وجهين: الوجه الأول التحكم بها عن طريق الاستحواذ أي حصرها في مستوى معين أو استئصالها بحذف النشاط أو عدم الخوض فيه؛ الثاني التخفيف (Attenuation) من آثارها نظرا لطبيعة المخاطرة (الكوارث الطبيعية غير قابلة للسيطرة مثلا) أو التطلع إلى أهداف كامنة وراء نشاط لا يمكن الاستغناء عنه، من خلال أدوات مناسبة (الضمانات، المخصصات، أمن الأنظمة، تدريب الموارد البشرية، اتفاقيات المقاصة...)، و لا يخلي إدارة البنك من المسؤولية باستخدام هذه الأدوات موازاةً مع واجب الرعاية بنظام الرقابة الداخلية و تكريس وظيفة التدقيق الداخلي، خصوصا على المحيط التشغيلي على غرار التركيب المحاسبي.
ه . خطط النجدة: من تمام معالجة قضية المخاطر، وضع خطط القصد منها بعث استغلال أصول البنك و استئناف أنشطته حال التعطل أو العطب، ذلك أن ثمن التوقف نقيصة من الوقت وبالتالي من أرباح البنك، و أحيانا تتوقف قدرة البنك في اغتنام الفرص على القدرة في استعادة الأرشيف (الإلكتروني والمادي) و استقدام الخدمة العاطلة فورا، و أبعد من هذا استحضار اليقظة بتكييف دوري للبرامج المعدة بغرض الاستمرار و الاستئناف وتجنب الوقوع في حالة اضطراب في النشاط، حسب سيناريوهات معقولة.
الخـاتمــة: 
تنشأ المخاطر عندما يكون هناك احتمال لأكثر من نتيجة نهائية، ومع أن كل منشآت الأعمال تنشط في حقل يتسم بحالة عدم التأكد، يظل القطاع المالي وبشكل خاص المصرفي منه هو أكثر القطاعات الاقتصادية تعرضا للمخاطر، لاسيما المخاطر المستقبلية و هذا راجع إلى طبيعة تخصصه الذي يستقطب بدرجة كبيرة ما تضفي إليه تحديات زيادة معدلات التغيير في الحياة الاقتصادية وارتفاع لمعدلات الترابط بين وحدات القطاع الواحد فضلا عن التداخل بين القطاعات الاقتصادية، لذا تواجه البنوك مصيراً تهدده التحديات المفاجئة أحيانا والتي من شأنها تحريك المسار العام لمخاطرة المؤسسة في غير صالحها، فتنشأ كلما تجددت احتياجات الأعوان الاقتصاديين وحصلت تحولات في البيئة الاقتصادية، وكلما زاد التشابك بين مختلف القطاعات المحلية و حتى على الصعيد الدولي المحسوب على مظاهر العولمة، بحيث تشهد البشرية الآن عالما قد وصل من الترابط بين أجزائه اقتصاديا إلى مستوى لم يسبق له مثيل، و يعرف عن القطاع المصرفي أنه أكثر من غيره اندماجا و احتكاكا وهذا يجعله أيضا أكثر عرضة من غيره إلى الأزمات و التأثر بالاضطرابات التي من الممكن أن تحصل في أسواق غير سوقه، وفي ظل تطورات التحرير المالي ومستحدثات العمل المصرفي وتنامي استخدام أدوات مالية جديدة ساعد على خلقها التقدم التكنولوجي الهائل في الصناعة المصرفية، ومن هنا فقد اكتسب موضوع إدارة المخاطر ومراجعتها أهمية متزايدة لدى البنوك، كما أدرجته لجنة بازل كأحد المحاور الهامة لتحديد الملاءة المصرفية، وتمشيا مع الاتجاهات العالمية في هذا الصدد بدأت البنوك التقليدية بشكل عام و البنوك الالكترونية بشكل خاص مؤخراً في انتهاج سياسات لإدارة المخاطر ومراجعتها واستحداث إدارات متخصصة يكون هدفها التحكم في درجات المخاطر التي تتعرض لها أعمال البنك على تنوعها.
لذا ناقشت هذه الورقة القضايا الأساسية ذات الصلة بإدارة المخاطر المترتبة عن ممارسة العمليات المصرفية الالكترونية، حيث جاء وصف إدارة المخاطر بأنها منظومة شاملة من الأساليب و التقنيات الموجهة لعملية تهيئة البيئة الملائمة للتعامل معها نحو تقدير آثارها بعد تحديد هويتها و رصد الوسائل و الترتيبات المناسبة لاستئصال شوكتها أو للتخفيف من شدتها على المراكز المالية للبنك وصلابته، و بالنظر إلى الطبيعة الخاصة للخدمات المصرفية الالكترونية عن تلك التقليدية، وقد أصبحت قدرة البنوك على إدارة المخاطر أمر حاسم في تحقيق الميزة التنافسية، و من ناحية أخرى تؤكد التجارب أن هذا الأمر هو المساهم الرئيس في تعزيز المتانة المالية للمؤسسة وسلامتها من الناحية المالية، ثم يتراكب بين الوحدات الاقتصادية لينجر عنه في الأخير استقرار النظام المصرفي برمته. و لما غدا أسلوب وضع القواعد و المعايير في مختلف المجالات من أهم ملامح العلاقات الدولية الراهنة، أصبحت عملية إقرار معايير موحدة تكون ملزمة لكافة البنوك العاملة على المستوى الدولي أو حتى المحلي من أهم اهتمامات لجنة بازل للرقابة المصرفية، وتجدر الإشارة إلى أن أحكامها ليست معايير إلزامية و إنما مقترحات استمدت صفة معايير أدبيا أو معنويا بالنظر إلى احترام المجتمع المالي الدولي لأعمالها كونها جادة في ما تسعى إليه.
إن قياس المخاطر بغرض مراقبتها والتحكم فيها هو دور أساسي تضطلع به إدارة المخاطر في البنوك لخدمة عدد من الوظائف الحيوية بهذه البنوك، نذكر منها:
·             المساعدة في تشكيل رؤية مستقبلية واضحة، يتم بناء عليها تحديد خطة وسياسات العمل.
·             تنمية وتطوير ميزة تنافسية للبنك عن طريق التحكم في التكاليف الحالية والمستقبلية التي تؤثر على الربحية.
·             تقدير المخاطر والتحوط ضدها بما لا يؤثر على ربحية البنك.
·             المساعدة في اتخاذ قرارات التسعير.
·             تطوير إدارة محافظ الأنشطة المصرفية الالكترونية، من خلال تحسين الموازنة بين المخاطر والعائد.
·             مساعدة البنك على احتساب معدل كفاية رأس المال وفقا للمقترحات الجديدة للجنة بازل (اتفاق بازلII)، والذي سيمثل عقبة رئيسية أمام البنوك التي لن تستطيع قياس وإدارة مخاطرها بأسلوب علمي عملي، حيث أن المتطلبات الجديدة للجنة بازل تعتمد على القدرة على قياس ومتابعة والتحكم في معدلات الخسائر المتوقعة المنبثقة عن مزاولة العمل المصرفي، هذا فضلا عن إضافة أنواع جديدة من المخاطر إلى الاتفاق المقترح بشأن كفاية رأس المال، بخلاف المخاطر التي يشملها الاتفاق الحالي.
ونظراً لما يصاحب إجراء العمليات المصرفية التقليدية و الالكترونية وإصدار وسائل دفع لنقود الكترونية من مخاطر متعددة، فإن الأمر يستلزم وضع الأسس للمراجعة وللإدارة الحصيفة لهذه المخاطر والتحديد الدقيق لمسئوليات مختلف الجهات ذات العلاقة بها وما يستلزم ذلك من الحصول على ترخيص من البنك وموافاته بالبيانات اللازمة. 

الاحالات و المراجع:
[1] يوسف   مسعداوي، « البنوك الإلكترونية»، ملتقى المنظومة المصرفية الجزائرية و التحولات الاقتصادية- واقع و تحديات، كلية العلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية بجامعة الشلف-الجزائر، 14 و 15 ديسمبر 2004، ص ص: 227-228.
[2] رحيم حسين و هواري معراج، « الصيرفة الإلكترونية كمدخل لعصرنة المصارف الجزائرية»، ملتقى المنظومة المصرفية الجزائرية و التحولات الاقتصادية- واقع و تحديات، ص ص: 315-316.
[3]  نفس المرجع، ص ص: 320-322.
[4] Amine TARAZI, «Risques bancaires, déréglementation financières et réglementations prudentielles», PUF, Paris, 1996, P: 10.
[5] Banque de France, «Gestion du risque de crédit et stabilité financière», Revue de la stabilité financière, Paris, N : 05, novembre 2004, P : 116.
[6] اللجنة العربية للرقابة المصرفية، «العمليات المصرفية الالكترونية و الإطار الإشرافي»، صندوق النقد العربي، أبوظبي، يناير 2002.
[7]Comité de Bâle sur contrôle bancaire, «Saines pratiques pour gestion et la surveillance du  risque opérationnel», BRI, Bâle, février 2003.
[8] «الضوابط الرقابية للعمليات المصرفية الالكترونية»، البنك المركزي المصري.
[9] إبراهيم الكرسانة، «أطر أساسية و معاصرة في الرقابة على البنوك و إدارة المخاطر»، صندوق النقد العربي، أبوظبي، مارس 2006، ص: 47.
[10]  نفس المرجع، ص ص: 02-03.
[11]  نفس المرجع، ص ص: 44-47.
[12] كان لإفلاس البنك الألمانيHerstatt  جوان 1974 والبنك الأمريكيFranklin National Bank  في نفس السنة وقع شديد على الساحة المصرفية، فاهتدت السلطات الرقابية إلى ضرورة العمل بقواعد إشراف موحدة لضبط الأعمال المصرفية في إطار التعاون الدولي بين البنوك المركزية. من أجل ذلك أنشأت لجنة تحت إشراف بنك التسويات الدولية تعمل على إيجاد هذا الإطار المشترك بين دول مجموعة العشر في البداية. أسست لجنة بازل نهاية 1974 من طرف محافظي البنوك المركزية وممثلي سلطات الرقابة لدول مجموعة العشر، أعضاء اللجنة حاليا هم:كندا، فرنسا، بلجيكا، ألمانيا، إيطاليا، اليابان، لكسمبورغ، السويد، سويسرا، هولندا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة وإسبانيا، ابتداء من فيفري 1975 ينظم في مجرى السنة ثلاث أو أربع ندوات لأعضاء اللجنة لمناقشة الانشغالات المطروحة في الصناعة المصرفية. مقرها يقع ببنك التسويات الدولية بمدينة بازل السويسرية.
[13] Comité de Bâle sur contrôle bancaire, Gestion du risque opérationnel, BRI, Bâle, sans date. Aussi:
Comité de Bâle sur contrôle bancaire, Saines pratiques pour gestion et la surveillance du  risque opérationnel, BRI, Bâle, février 2003.
المصدر: الدكتور/ عبد الرزاق خليل الأستاذ/ حمزة طيـبي بجامعة الأغواط-الجزائر

0 comments

إرسال تعليق

زوارنا

free counters

 
host gator coupon